الاثنين، 14 نوفمبر 2011

العلوم الانسانية


العلوم الإنسانية                                إعداد الأستاذ: النفينف رشيد   
 تعريف علم الاجتماع
نشأ علم الاجتماع في الربع الأول من القرن 19 على يد الفرنسي اغيست كونت في معترك الصراع بين تيارات فلسفية متعارضة،سبق لها مواكبة انهيار النظام الاجتماعي القديم_الإقطاعي_ وصعود نظام جديد_الرأسمالي، إضافة إلى التحولات والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي عاشتها أوروبا خلال تلك الفترة،والتي أسهمت بدورها في بزوغ علم الاجتماع، الذي اهتم أساسا بالعالم الخارجي للفرد،أي علاقته بالغير وتفاعله معهم وعلاقته بالجماعات والنظم الاجتماعية والثقافية،إذ يهتم هذا العلم بالفرد كعنصر داخل جماعه أو طبقة أو طائفة أوتنظيم وحزب سياسي ومشاركا في مجتمع تاريخي وثقافة معينين.وقد اختلفت تعار يف هذا العلم من عالم لآخر،إلا أنها تجمع على سمات عامة له:
*علم الاجتماع هو علم دراسة المجتمع
*علم الاجتماع هو أحد العلوم الاجتماعية التي تدرس سلوك الكائنات الإنسانية
*علم الاجتماع هو العلم الذي يدرس النظام الاجتماعي
يدرس علم الاجتماع أساسا التفاعل الإنساني،الذي يتجلى في التأثير المتبادل الذي يمارسه الأفراد في علاقاتهم المتبادلة، التي تؤثر في المشاعر والاتجاهات والأفعال...إن علم الاجتماع لايهتم بما يجري في دخائل النفس أو الفرد الإنساني،لان ذلك مجال علم النفس.بل يهتم بالدرجة الأولى بما يحدث بين الناس،إن بؤرة اهتمامه هي البشر بوصفهم كائنات اجتماعية تمارس نشاطا متعدد الأوجه وتدخل مع الآخرين في علاقات متعددة،يختم علم الاجتماع إذا بالطرق المتواترة التي يكون الناس علاقاتهم من خلالها،والتي تنمو بواسطتها أشكال الروابط الاجتماعية المختلفة،كما يعنون أيضا بأساليب المحافظة على استمرار هذه العلاقات والروابط أو تغييرها أو حلها؛إنهم يدرسون الأسرة والجماعات والقطاعات الدينية والعصابات والتنظيمات الكبرى كالمصانع والجامعات وغيرها.إن علم الاجتماع إذن علم لدراسة الظواهر والنظم الاجتماعية،أي دراسة الإنسان في علاقته بالبنية والمجتمع والثقافة.
أ­ـموضوع علم الاجتماع:

*الصياغة الإشكالية:ماهو موضوع علم الاجتماع؟أهو الواقعة الاجتماعية؟وماذا يراد بهذه الأخيرة، أ هي كل حدث إنساني داخل المجتمع؟وهل يدرس هذا العلم ظواهر شبيهة بظواهر السيكولوجية والبيولوجية؟وماهي الخصائص المميزة للظواهر الاجتماعية؟وهل توجد هذه الظواهر خارج وعي الأفراد؟ألن يكون الإكراه حينها خاصية جوهرية لهذه الظواهر؟وكيف تتشكل الوقائع الاجتماعية؟وهل يمكن دراسة هذه الأخيرة كشيء؟وهل من إمكانيات للانفصال عن الذاتية في دراسة الظواهر الاجتماعية؟
يرى السوسيولوجي الفرنسي إميل دوركايم،أن موضوع علم الاجتماع هو الوقائع الاجتماعية،وتتميز هذه الأخيرة عن الأحداث الإنسانية التي تحصل داخل المجتمع بخاصية جوهرية ألا وهي استقلاليتها عن الأفراد وطابعها الإكراهي؛ذلك أنها ثابتة توجد قبل وجود الأفراد،وتمارس عليهم إكراها خارجيا،أي أنها مستقلة عن كل المظاهر الفردية .وعليه يمكن للباحث دراسة هذه الوقائع كالأشياء، أي بشكل موضوعي،وذهب هدا العالم إلى أن لعلم الاجتماع موضوعه الخاص والمتميز
عن موضوع العلوم الإنسانية الأخرى من جهة، وعن موضوع العلوم الطبيعية من جهة أخرى،ويحدد هذا المفكر موضوع هذا العلم في دراسة الوقائع الاجتماعية التي تتميز عن غيرها من الأحداث الاجتماعية بمجموعة من الخصائص أهمها وجودها القبلي؛حيث توجد خارج الأفراد ومعممة على الكل وتوجد خارج وعيهم لتصبح لها قوة إلزامية وطابع إكراهي يتجاوز إرادة الأفراد.ويعرف دوركايم الواقعة الاجتماعية كما يلي:[هي كل طريقة في الفعل،ثابت اولاوقادرة على ممارسة إكراه خارجي على الأفراد ثانيا،وتكون عامة في المجتمع ومستقلة عن كل مظاهرها الفردية].لقد سعي دوركايم إلى تأسيس علم حقيقي كالعلوم الطبيعية وأكد في هذا السياق رأي سان سيمون في القول بان المجتمعات حقائق أصلية مختلفة عن تلك الموجودة في الطبيعة لكنها خاضعة لنفس الحتمية.
في مقابل هدا التصور الذي يرى أن موضوع علم الاجتماع هو الواقعة الاجتماعية بما لها من خصائص تميزها عن باقي الأحداث الاجتماعية،يتساءل (لوسيان غولدمان):هل بإمكاننا دراسة الواقعة الاجتماعية كشيء،كما يعتقد دوركايم؟وكيف تصبح الموضوعية ممكنة ابستيمولوجيا ي تناول عالم الاجتماع للوقائع الاجتماعية؟هل بإمكان الباحث الانفصال عن الذاتية في دراسته لهذه الوقائع؟لقد قدم دوركايم خدمة ااسوسيولوجيا حين أكد على دراسة الوقائع الاجتماعية كأشياء،وذلك ما طبقه في دراسته للأسرة والجريمة والانتحار،التي يعتبرها وقائع عادية،وهذا انفصال لعلم الاجتماع عن الفلسفة والأخلاق من جهة، وعن الذاتية من جهة أخرى, لكن السوسيولوجيا المعاصرة كما هي عند غودمان تعترف بصعوبة بلوغ الموضوعية في دراسة الظواهر الاجتماعية،وبصعوبة الانفصال عن الذاتيةوعن التأثيرات الفلسفية والأخلاقية،وبالتالي تكون موضوع علم الاجتماع بناءا يتم تشييده دون إعدام لعوامل الذاتية،ودون اعتبار الوقائع الاجتماعية أشياء خاضعة نفس القوانين التي تخضع لها الطبيعة,وعليه تكو ن للظواهرالانسانية خصوصية من اللازم مراعاتها عند دراستها,




ب_المنهج في علم الاجتماع:
_الصياغة الإشكالية:ما هي المناهج المعتمدة في علم الاجتماع؟وهل تتطابق مناهجه مع مناهج العلوم الحقة؟ وما الغاية من دراسة الظاهرة الاجتماعية؟ أهي التفسير والتحليل،أم الفهم والتأويل؟ وهل يختلف المنهج في هدا العلم باختلاف المدارس والنزعات؟ وما علاقة علم الاجتماع بالعلوم الإنسانية الأخرى؟
تتعدد المناهج في علم الاجتماع بتعدد المدارس والنزعات؛ حيث يتبنى كل اتجاه منهجا خاصا وينطلق من خلفيات ايديلووجية وابستيمولوجية مختلفة، فمنهم من وجد في مناهج العلوم الفيزيائية والطبيعية ضالته، ومنهم من رفض تطبيق هذه المناهج على الظاهرة الاجتماعية باعتبارها ظاهرة إنسانية لها خصوصياتها ومميزاتها,ومن ناهج هدا العلم على سبيل المثال لا الحصر:
×المنهج التاريخي: وهو منهج تحليلي يتتبع الظاهرة عبر مراحلها التاريخية المختلفة،ويفرض هدا المنهج المقارنة( الأسرة البدائية والمتطورة,النظام الإقطاعي والرأسمالي) وأكد دوركايم أن بإمكان عالم الاجتماع الاعتماد على طريقتي الاتفاق في الحضور و الغياب كما هو معروف في منطق العلم لتأكيد النتائج المحصل عليها أثناء المقارنة، من هنا تظهر علاقة علم الاجتماع والتاريخ؛ فاذا كان المؤرخ يتوخى في دراسته الحالات الجزئية للظاهرة، فان عالم الاجتماع يدرسها في كليتها لتحديد أسبابها الثابتة ومن ثمة صياغة قانون لها،وفي هذا المعنى يقال التاريخ مختبر علم الاجتماع.
*المنهج التجريبي:لا يمكن عزل الظاهرة الاجتماعية مخبريا، لكن شاع في الدراسات الاجتماعية نمط تجريبي منذ سبعينيات القرن المنصرم ؛ حيث يوزع الباحث جماعة ما الى فريقين يخضعهما للملاحظة ليستنتج الاختلاف ، ومن ثمة تحديد الاسباب الحقيقية للظاهرة. لقد كان التفسبر هدفا لهذا المنهج بما يتطلبه التفسير من سببية.
*المنهج الاحصائي: يعتمد هذا المنهج على الاحصاء كلغة رياضية دقيقة ، وذلك باحصاء الحالات وتحديد العامل المؤثر المسبب للظاهرة؛فكلما تكرر نفس العامل ، كلما كان ذلك دليلا على انه السبب الجوهري للظاهرة،ويمكن للباحث الاقتصار على عينة بحث تمكنه بالنهاية من تحديد العامل المؤثر.
+ المنهج ألتفهيمي: إن الانتظامات الخاصة بالسلوك الإنساني هي موضوع تأويل تفهمي،أي أن هذا المنهج يدرسه في ارتباطه بقصد معين ومعنى محدد . كما يرتبط بسلوك الغير بالدرجة الأولى، بل تكون هذه العلاقة البينداتية شرطا أساسيا لتطور هذا السلوك،حيث نستطيع تفهم هدا الأخير من خلال القصد الذاتي لفاعلها. اذن يمكن بواسطة هذا المنهج تناول الظواهر الوجدانية كحالات شعورية واعية، بدراسة دلالاتها المميزة للسلوكيات المعبرة عن تلك الظواهر انطلاقا من تجلياتها الخارجية.
ج_ النظريات الاجتماعية: هناك في علم الاجتماع كما في العلوم الإنسانية طرق مختلفة لإدراك الحقائق الإنسانية و تفسيرها  وهي ما يطلق عليها المواقف النظرية، بما أن هذه الأخيرة أساسية  في كل علم بوصفه علما. و تحاول النظرية أن :
تصنف الأحداث الواقعية و تنظمها.
تفسير أسباب الحدوث و التنبؤ بما يمكن أن يحدث.
تقدم فهما علميا يشمل القوانين التي تحكم حركة الأحداث في الواقع الاجتماعي.
ومن النظريات الاجتماعية، نذكر ما يلي:
- النظرية الوضعية: تأثر رواد علم الاجتماع أمثال كونت و دوركايم و سبنسر بأوجه التشابه الملاحظة بين الكائنات البيولجبة و الحياة الاجتماعية ، مادفع بهم إلى المماثلة  بين النظم الاجتماعية و الكائنات العضوية ؛ على أساس أن البنيات الاجتماعية تشبع وتحقق المتطلبات الضرورية لبقاء المجتمع و استمراره . وتميل هذه النظرية الى تفسير الظاهرة الاجتماعية سببيا من خلا ربطها بظاهرة أخرى ؛ و ذلك ما فعله امل  دوركايم  في دراسته للانتحار، حين ربط معدله بدرجة اندماج الفرد داخل الجماعة .
-النظرية التبادلية: يتصرف الإنسان بشكل منطقي وعقلاني، فكل فرد يضع أهدافا يسعى إليها، ويحدد لنفسه أكثر الوسائل نجاعة في إطار المجتمع والحياة الاجتماعية. وما دام هذا السعي يتم داخل المجتمع فمن اللازم أن يضع الفرد في اعتباره الآخرين، لأنهم يؤثرون أو يتحكمون في عملية سعي الفرد لتحقيق هدفه، وهذا الموقف هو الذي ينتج العلاقات الأساسية للتبادل، ويصبح السلوك بهذا المعنى سلوكا اجتماعيا. ويتخذ السلوك غالبا شكل التبادل، لان المصادر الاجتماعية و النفسية موجودة لدى الآخرين ، ومن ثمة فإننا نتبادل النقود بالسلع والعمل بالنقود، كما نتبادل المشاعر والعواطف. والمجتمع حسب هذه النظرية مجرد مجموع الأفراد والتبادلات التي تتم بينهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق