الجمعة، 11 نوفمبر 2011

الوضع البشري







mercredi 26 octobre 2011



 إعداد الأستاذ:النفينف رشيد                                       مجزوءة الوضع البشري
الوضع البشري هو الحالة الإنسانية، أي المكانة الوجودية المتميزة والمنزلة الخاصة التي يشغلها الكائن البشري والمتسمة بالتعقيد وتداخل الأبعاد؛حيث يتداخل الفردي بالجماعي والفطري الطبيعي بالثقافي المكتسب، ويمتزج الوعي باللاوعي والإرادة بالرغبة، كما أن حرية هذا الكائن لاتنفصل عن الضرورات الطبيعية والاكراهات الاجتماعية. لكنه يستطيع مع ذلك كله التعالي عن وضعه واختيار نمط وجوده، وإضفاء الصفات الإنسانية على عالمه بفضل فكره وقدرته على الإبداع، ومن خلال الشغل بوصفه فاعلية إنسانية بامتياز.لقد استطاع الإنسان إرساء عالم رمزي مكنه من الوعي بذاته وبعالمه وبتاريخه ،هناك إذن علاقة ثلاثية لهذا الكائن؛ انه شخص قائم بذاته من جهة،وعضو داخل المجتمع من جهة أخرى،كما أنه محكوم بالزمن،ومن ثمة تنبجس وضعية ذاتية وأخرى موضوعية تعبر عن البعد الكوني في الإنسان.
وإذا كان الكائن البشري فردا بالأساس،فانه لايستكمل إنسانيته إلا من خلال الاحتكاك بالعالم الخارجي،طبيعيا كان أو اجتماعيا،ومن ثمة فانه مشروط بمحددات بيولوجية واجتماعية تحدد ملامحه الشخصية على المستوى النفسي والوجداني والذهني،كما انه ينخرط في علاقات مع أبناء نوعه تتراوح بين الصراع والعداء،والتعاون والصداقة والمحبة.فكيف يعي الشخص ذاته؟ومن أين يستمد قيمته؟ وماهي حدود حريته؟ وما طبيعة علاقته بالأغيار؟ ألم يعتبر بعض الفلاسفة الوجود الإنساني وجودا اجتماعيا بالأساس؟ أليس المجتمع ثمرة سيرورة تاريخية، محكوما بثقافة وبنظام اقتصادي وسياسي؟ فهل يستطيع الإنسان فردا أو جماعة التأثير في التاريخ، بوصف هذا الأخير بعدا أساسيا من أبعاد الوضع البشري؟. نعالج هذه الأسئلة وغيرها من خلال دراسة المفاهيم التالية:
*الشخص
*الغير
*التاريخ
                                 الشخصLa personne
المحور والمفاهيم
الإشكاليات
المواقف والأطروحات
هوية الشخص
الشخص:لغة من شخص أي ظهر وبرز، والرجل الشخوص هو صاحب جسم ضخم،أما اصطلاحا فنميز بين الشخص الطبيعي من حيث له جسم، والشخص المعنوي من حيث له وعي وكرامة،والشخص القانوني من حيث له حقوق وعليه واجبات.وفي اللسان الفرنسي يشتق لفظpersonne  من الجذر اللاتينيpersona وهو القناع الذي كان يضعه الممثل لأداء دوره المسرحي. والشخص عموما مجموعة من السمات المميزة للفرد باعتباره كيانا نفسيا واجتماعيا شبيه بالآخرين ومتفرد عنهم،انه وحدة صورية ومطابقة الذات لذاتها.
الهوية:مبدأ منطقي صاغه أرسطو ويفيد أن الأشياء مطابقة لذاتها متميزة عن غيرها، وهوية الشخص هي وحدته النفسية والذهنية التي تمكنه من التعرف على ذاته والاختلاف عن الأغيار.
الكوجيطو: الكلمة من أصل لاتيني وتعني أنا أفكر،والعبارة كاملة في هذه اللغة كالآتي:cogito ergo sum





الشخصانية: فلسفة مثالية ترى أن الحقيقة شخصية، وأنه لا يوجد إلا الأشخاص وما يخلقونه،وأن الشخصية واعية وموجهة لذاتها، وأن الشخص هو ماهية الديمقراطية، وأنه ضد النظم الجماعية. من رواد هذا المذهب رونوفييه 1903 مونيي 1905 وعبد العزيز الحبابي في المغرب، ويعتبر هيروقليطس أول من اعتبر أن الشخص هو الواقع النهائي

























الشخص بوصفه قيمة



























الإرادة: من كيفيات النفس، وهي في اللغة طلب الشيء أو شوق الفاعل إلى الفعل كما يقول ابن رشد.أما في الاصطلاح فهي الميل الحامل على إيقاع الفعل وإيجاده، أو هي القوة التي مبدأ النزوع وتكون قبل الفعل. والإرادةla bonne volonté الخيرة عند كانط هي العزم الصادق على فعل الخير.















روح الشعب: الروح عند هيجل هي الفكرة، وتدرك نفسها كوجود لذاته، أما روح الشعب فهي القيم الأخلاقية والمعرفية والجمالية السائدة في مجتمع من المجتمعات.













الشخص بين الضرورة والحرية

اللاشعور: يرتبط بالتحليل النفسي، ويعني تلك الميول والدوافع التي تم كبحها ولم تتمكن من الإشباع المباشر بالنظر إلى تعارضها مع مبدأ الواقع،أي مع قيم المجتمع وعاداته وأعرافه.



الضرورة: لغة هي الحاجة ، أما في الاصطلاح فتدل على ما لا بد منه وما سلب فيه الاختيار على الفعل أو الترك ، إنها استحالة انفكاك الشيء عن سببه، وتقابلها اللاضرورة أو الإمكان.





الحرية: لغة هي الخلاص، ويقابلها الرق ، أما في الاصطلاح فتعني القدرة على الاختيار بين البدائل المتاحة ، وإتيان الأفعال المعتمدة المسؤولة، وقد تعني التحرر من الضغوط وأنواع القسر والمعوقات التي قد يفرضها الآخرون أو الظروف على الفرد.
إذا كان الشخص وحدة صورية وماهية، فكيف تتحدد هذه الوحدة؟ وكيف يدرك الفرد ذاته؟ هل بوصفها أنا مستقلة عن عناصر العالم الخارجي، أم باعتبارها ذاتا متأثرة بمعطيات الحواس والتجربة الشعورية؟ فماهو أساس هوية الشخص إذن ؟ أهي صفات داخلية،أم خارجية؟ ثابتة قارة، أم متغيرة متبدلة؟ وكيف يكتسب الشخص صفاته الفردية المميزة؟ وهل بالإمكان الحديث عن هوية جماعية تنمحي معها الخصوصيات الذاتية؟

















هل تتحدد هوية الشخص بشكل فردي، أم جماعي؟ وبأي معنى تصبح هذه الأخيرة تهديدا للذاتية؟ لكن ألا يسقطنا الانتصار للفردية في نوع من الأنانية والتمركز حول الذات؟






























هل تكمن قيمة الشخص في كونه غاية أم مجرد وسيلة؟ ومن أين يستمد قيمته؟ هل من ذاته أم من عالمه الاجتماعي؟ وما طبيعة هذه القيمة؟ أهي معرفية أم أخلاقية، أم هما معا؟ وهل يمكن اعتبار الأشخاص كباقي الأشياء؟


















هل تساهم القوانين في تقوية قيمة الشخص وتطعيمها؟ ألا يمكن أن تتحول إلى عامل لاستلابها، مانحة القيمة للبعض على حساب البعض الأخر؟ أليست الطبقية ضربا لهذه القيمة، أخلاقية كانت أو معرفية؟



يقول كانط: لو كانت أفعالنا صادرة عن العقل فقط لما ساءت ، لكن فينا إلى جانب العقل الميولات والأهواء.








































هل الشخص ذات حرة أم كيان خاضع لاكراهات وحتميات؟ وماهي طبيعة هذه والاكراهات والضرورات؟ وهل الشخص مسلوب الإرادة والحرية بشكل مطلق، أم أنهما نسبيتان ومشروطتان؟


























يقول مونيي: إن الإنسان هو الذي يقرر مصيره ولا يمكن لأي شخص آخر، فردا كان أو جماعة،أن يقوم مقامه في ذلك.


رنيه ديكارت: يرى هذا الفيلسوف أن أساس هوية الشخص هو ذاته المفكرة التي تنبني على العقل الفطري الخاضع لمنهج ، وذلك هو الطريق إلى الحقيقة المطلقة ،سواء تعلق الأمر بالذات أو بالعالم الخارجي؛ فبعد أن يتخلص الإنسان من الأفكار الجاهزة والأحكام المسبقة، ويبتعد عن المعطيات الحسية لأنها خادعة، ويمارس الشك المنهجي يتوصل إلى أول يقين وهو الكوجيطو:أنا أفكر أذن أنا موجود؛لقد شك ديكارت في كل شيء ما عدى الشك ذاته،أي التفكير.ومن ثمة يكون أساس وحدة الذات هو الفكر المؤسس على العقل باعتباره نورا فطريا يمكن الإنسان من أدراك ذاته والتميز عن غيره من  أشخاص وأشياء اساس هوية الشخص اذن هو الذات المفكرة.يقول ديكارت في هذا السياق: وأنا أخيرا الشخص عينه الذي يحس،أي الذي يدرك أشياء معينة... من هنا بدأت أعرف أي شيء أنا، بقدر من الوضوح والتميز يزيد عما كنت أعرف من قبل.
جون لوك: لابد لتحديد هوية الإنسان من الوقوف على المعاني التي يحمل عليها لفظ"شخص"، هذا الأخير في اعتقاد لوك هو كل كائن مفكر قادر على إدراك ومطابقة ذاته،أي أنه يظل هو نفسه مع تغير الأحوال كالزمان والمكان.لكن الطريق الوحيد لبلوغ التفكير والتعقل ومطابقة الذات هو الشعور الذي يكون للفرد عن أفعاله الخاصة، وبذلك يكون هذا الشعور غير قابل للانفصال عن الفكر، مادام الإنسان لا يحقق الإدراك الفكري دون أن يشعر به.وإذا كان الإحساس هو منطلق وأساس كل معرفة، فانه لايمكن أن نعرف دون أن نشعر بأننا نعرف،إن إدراك الذات لذاتها بالاعتماد على المدركات الحسية  اذن هو الذي يميز كل كائن مفكر عن غيره من الكائنات المفكرة،وبالتالي فأن راهنية اقتران المعرفة بالذاكرة وبالإدراك الحسي هو ما يشكل وحدة الذات ومطابقتها لذاتها، الاخيرمصدر كل معرفة،اما الاولى فاساس استمرار الوحدة الصورية للشخص.يقول جون لوك في هذا السياق:(...انه من غير الممكن لأي كائن كيفما كان أن يدرك دون أن يشعر بأنه يدرك...).
امانويل مونيي:   يرفض هذا الفيلسوف التصورات التي تقصي الجوانب الفردية في الإنسان، وتقفز على هويته الشخصية لأجل هوية جماعية تنتفي معها الخصوصيات الذاتية، التي تنبني بالأساس على دينامية داخلية ترتد بأصلها إلى عملية الشخصنة، التي يكتسب من خلالها الفرد الإنساني صفاته المميزة؛ لان الشخص كيان يتميز بالإرادة والوعي والتجاوز بخلاف الأشياء الخارجية أو الموضوعات التي هي كائنات متطابقة كليا مع ذاتها. ترتبط هوية الشخص إذن بالفكر باعتباره من طبيعة روحية، ومن ثمة فهي عنصر داخلي، يعطي استقلالية للإنسان. يقول مونيي (إن آلاف الصور المركبة لايمكن أن تساوي رجلا يمشي ويفكر ويريد...)
جون راولز: تتحدد قيمة الشخص حسب هذا الفيلسوف من خلال انفتاحه على الآخرين والتعاون معهم، والمشاركة في الحياة الاجتماعية بلعب الدور المنوط به، وذلك باحترامه لمختلف الواجبات والحقوق بوصفه مواطنا، أي كعضو داخل الجماعة كامل النشاط ويتمتع بالحرية التي تضمن له التساوي مع باقي الأشخاص بنوع من الندية، وليس أساس هذه المساواة سوى الكفاءة العقلية والأخلاقية ، التي تكسبهم الحق في الانتماء إلى المجتمع المتعاون، ومن ثمة يتشكل لدى الشخص الإحساس بالعدالة والخير، ما يمكنه من احترام القانون وذلك ما يخول له خدمة الحياة الإنسانية، وبالتالي يطمح كل شخص إلى إقامة علاقة ايجابية مع الآخرين والالتزام إزاءهم سواء كأفراد أو كجماعات و هيئات. ترتبط قيمة الشخص إذن بالبعد الفلسفي والأخلاقي والقانوني في الآن ذاته؛ إنها مزاوجة بين ما هو ذاتي وما هو موضوعي. يقول جون راولز: ( إن الشخص مواطن، أي عضو اجتماعي كامل النشاط عبر كل حياته... فعلينا أن نعتبر المواطنين أشخاصا أحرارا بفضل كفاءاتهم الأخلاقية والعقلية كذلك...)
امانويل كانط: يعتبر رائد المثالية النقدية أن الذات الإنسانية ليست عاقلة وحسب؛ لأنها تكتسب أبعادا اجتماعية تجعل منها ذاتا أخلاقية، وبالتالي فإنها تتمتع بحقوق وتفرض عليها واجبات، فلها حرية ومسؤولية وإرادة ، وخاضعة لقانون أخلاقي مفاده: أن يتصرف الشخص وفق فكرة الشمولية؛ لأن الغاية الوحيدة الشاملة هي الكائن الناطق، أي أن كل واحد ملزم بالتعامل مع الإنسانية الموجودة فيه، وعلى كل واحد أن يستخدم إرادته وفق الإرادة العامة، واعتبار الإرادات الأخرى لا مجرد وسائل لاقيمة لها في ذاتها، بل كغايات في ذاتها تتحدد أفعالها من خلال اتحاد الإرادة بالعقل، ومن ثمة تكون الأفعال الإنسانية خاضعة لقانون أخلاقي مستقل عن كل نتيجة فردية. يستمد الشخص قيمته إذن من قانون أخلاقي كوني؛ حيث أن أفعاله صادرة عن إرادة خيرة هي منبع كل فعل أخلاقي وكل قيمة. يقول كانط: (...وهكذا تكون الإنسانية التي تكمن في شخصه موضوع احترام يمكنه أن يلزم به كل الآخرين...)
فريدرك هيجل: يكتسب الشخص قيمته بالخضوع للقيم السائدة في المجتمع وتمثيلها في الحياة الجماعية، وبذلك يشغل مكانة معينة هي بالنهاية نتيجة مباشرة للاختيار الحر، فيكون لكل شخص دور وفق نظام طبقي يحكم المجتمع، وبالتالي تكون قيمة الشخص أخلاقية مرتبطة بالامتثال للواجب، وهذا الأخير يتحدد حسب المرتبة التي يحتلها الفرد في المجتمع،ومن ثمة لابد أن يتصرف وفق القوانين والواجبات. يقول هيجل في هذا السياق: ( فالإفراد يقومون بالمهمة التي أسندت إليهم وهم ملزمون بالقيام بالواجب. إن قيمتهم الأخلاقية تكمن في سلوكهم، امتثالا للواجب. )

سجموند فرويد: يذهب رائد التحليل النفسي إلى أن الشخص خاضع لاكراهات سيكولوجية تتجاوز إرادته وحريته؛ ذلك أن مكونات الحياة النفسية تفاعل بين عناصر الجهاز النفسي، أي الأنا والهو والأنا الأعلى، حيث يحاول الأول التوفيق بين متطلبات الثاني التي ترتد بأصلها إلى الغرائز واكراهات الأخير الذي يتكون من القيم والقوانين الاجتماعية؛ ومن ثمة تكون كل الأفعال والتصرفات الصادرة عن الشخص موجهة باللاشعور الذي يمثل حقيقة الإنسان، ويمثل هذا الجزء الحيز الأكبر من النشاطه العقلي والنفسي ، لذلك يشبه فرويد الحياة النفسية بجبل جليدي تتخفى قاعدته تحت سطح الماء، بينما يظهر الجزء الأصغر فوقه؛ واللاشعور في نظره بمثابة القاعدة وتمثل حقيقة الذات الإنسانية. ليس للشخص حرية اذن لأنه خاضع لضرورات سيكولوجية يقول فرويد في هذا السياق: ( إن الأنا مضطر أن يخدم ثلاثة من السادة الأشداء، وهو يبذل قصارى جهده للتوفيق بين مطالبهم).
باروخ سبينوزا: يعتبر هذا الفيلسوف أن الإنسان فاقد للحرية نظرا لكونه خاضعا للضرورات الطبيعية بوصفه جزء من العالم الطبيعي المحكوم بقوانين صارمة ومضبوطة تتجاوز الإرادة الإنسانية، وليس الاعتقاد بالحرية سوى نتيجة للجهل بالأسباب الحقيقية الموجهة لسلوكياته وأفعاله، فليس الإنسان مخيرا فيما يفعل،لأن كل أعماله تسير وفق نظام الكون، انه أشبه ما يكون بقطعة في جهاز الطبيعة العظيم. يقول سبينوزا:( الإنسان إمبراطورية صغرى داخل الإمبراطورية الكبرى.)
امانويل مونيي: يتمتع الشخص بنوع من الخصوصية تمكنه من اختيار مصيره بعيدا عن النزعات التطابقية، التي تجعل الأفراد متماثلين متجاوزة المعطيات الذاتية والمميزات الشخصية ، والحال ان للشخص تفردا يجعله سيد نفسه و حرا،وليس المجتمع سوى وسيلة لخدمة غايات الشخص،اي مساعدته على تطوير ميولاته وصقل مواهبه، وبالتالي لاوجود لاكراهات  اجتماعية او ضرورات طبيعية تنتفي معها حرية الفرد
                                                          مفهوم الغير l’autrui
المحور والمفاهيم
الإشكالية
المواقف والأطروحات
وجود الغير
الغير: في الدلالة العامية الغير هو الآخر المختلف، أما لغة فانه حرف من حروف المعاني ويفيد لا وليس وسوى، على نحو: رجل غيره أي سواه، وغير أي بدل. أما اشتقاقا فيعود أصل الكلمة autrui إلى الجذر اللاتينيAlter  وتعني الآخر بشكل عام، وفي الدلالة الفلسفية ظل هذا المفهوم مضمرا إلى حدود الفلسفة المعاصرة مع هيجل الذي صرح به من خلال جدلية العبد والسيد، وقد ذهب سارتر إلى أن الغير هو أنا ليس بأنا؛ انه شبيه بالذات ومختلف عنها في الآن ذاته. ولابد من التمييز بين الآخر الذي يدل على الأشياء والأشخاص، وبين الغير الذي يدل على الأشخاص فقط.
أبمريقي: تعريب للفظ الفرنسيEmpirique ويراد به الجوانب التجريبية والموضوعية من الظاهرة.


الماهية: لغة ما يجاب به على السؤال بما هو، أما اصطلاحا في الجوهر الثابت الذي لا يتغير في مقابل الأعراض الزائلة، والجوهر حسب أرسطو واحد بينما الأعراض تسعة لخصها العرب في بيت شعري فقالوا:
زيد الأسود الطويل بن مالك
                 بالأمس في داره كان يتكئ
بيده سيف نضاه فانتضى
                 تلك مقولات عشر سواء




الظاهراتية: مذهب فلسفي يعطي الأهمية للأشياء كما تبدو في الظاهر وليس البحث عن
أسبابها الخفية وعللها الأولى، وتعتبر الوعي نوعا من القصدية، أي أن الذات المدركة مضطرة إلى الخروج من ذاتها نحو الموضوع والعالم الخارجي يطلق عليها في الفرنسية:Phénoménologie

























معرفة الغير
الكينونة: هي الوجود الفردي المتميز بالخصوصية والاستقلال، أي مجموع الخصائص التي ينفرد بها الكائن ولا يمكن أن يشترك مع غيره فيها، وهي الحقيقة الإنسانية حسب بعض رواد الفلسفة الوجودية.








التشييئية: وهي نزعة تحول الذوات العاقلة إلى أشياء، وتعاملها كباقي موضوعات العالم الخارجي الفاقدة للإرادة والوعي والحرية.



















البينذاتية: هي الفضاء القائم بين الذوات وهو مجال العلاقة المتداخلة بينها، وبواسطتها يخرج كل وعي من ذاته وينفتح على الآخر.









الأنا وحدية: الأنا في انعزاليته ووحدانيته واكتفاء بذاته واستغناؤه على الآخرين.

















العلاقة مع الغير
























الغيرية:هي نكران الذات والتضحية من أجل الغير والعمل على تحقيق المصلحة العامة عوض المصالح الخاصة.


الصداقة:العلاقة المتبادلة بين شخصين، ويميز أرسطو بين الصداقة التي غايتها اللذة، والتي غايتها المصلحة، والتي غايتها الأخلاق.



الفضيلة: لها معاني متعددة من بينها: الأفعال الأخلاقية التي تصدر عن الفرد من شجاعة وصدق وغيرية وصداقة.











الوضعية: مذهب فلسفي يعتبر بأن المعرفة الحقة هي المعرفة العلمية حيث ينفصل العقل عن التفسيرات الميتافيزيقية واللاهوتية ويسعى إلى تفسير كيفية حدوث الظواهر، وليس البحث عن أسبابها الخفية. يعتبر الفرنسي اغيست كونت مؤسس هذا المذهب.





























هل يوجد الغير بوصفه أنا آخر؟ بأي معنى يكون وجوده ممكنا جائزا؟ وكيف يكون ضروريا؟ هل تستطيع الذات العيش دون أغيار، مكتفية بذاتها مستغنية عن سواها؟ وماهي الأوجه الايجابية والسلبية لوجود الغير؟ وبأي معنى يكون وجود هذا الأخير مزدوجا؟

































هل معرفة الغير كذات ممكنة أم مستحيلة؟ أليست المعرفة تقابلا بين الذات المدركة وموضوع الإدراك؟ ألا تكفي المماثلة بين الأنا والغير لبناء هذه المعرفة؟ وبأي معنى تكون البينذاتية سبيلا لمعرفة الغير؟ ألا يمتلك هذا الأخير خصوصية تشكل جدارا عازلا بينه وبين الأنا؟




























هل العلاقة مع الغير انسجام وتكامل أم صراع وتنافر؟ وماهي الأوجه الايجابية للعلاقة معه؟ وبأي معنى تكون سلبية؟













هناك أوجه ايجابية للعلاقة مع الغير كالصداقة، التي اعتبرها أفلاطون علاقة محبة بين الأنا والغير وأساسها حالة وجودية بين الكمال المطلق والنقص المطلق. بين ميز أرسطو بين أنواع ثلاثة من الصداقة: المنفعة والمصلحة والفضيلة، والنوع الأخير هو الصداقة الحقيقية لأنها تقوم على محبة  الخير والجمال لذاته وللأصدقاء. وأكد كانط أن أساس الصداقة هو الحب والاحترام المتبادل. وتعتبر الغيرية كذلك من الأوجه الايجابية للعلاقة مع الغير كما أكد ذلك رائد الوضعية الكلاسيكية.























يقول أرسطو: إذا سادت الصداقة في المجتمع ، فان بإمكاننا الاستغناء عن العدالة.
موريس ميرلوبونتي: ليس الغير مجرد موضوع لمعرفة بيولوجية أو فيزيولوجية، ولا يمكن اختزاله في معطيات تجريبية ملموسة، بل انه وعي خالص يتمظهر من خلال تجربة الفكر الخاصة به، أي الوجود المتفرد والمتميز للذات الحقيقية المحمولة على جسد الذي لايمثل في الواقع سوى الجزء الأكثر تجليا من وجود الغير ويمثل الوجود في ذاته،أي الوجود الأمبريقي والموضوعي، في مقابل الوجود لذاته والمتمثل في الوعي. وعليه يكون وجود الغير مزدوجا من حيث هو موضوع باعتباره جسدا، ومن حيث هو ذات لها وعي وأنا.
جون بول سارتر: يؤكد هذا الفيلسوف أن الماهية الحقيقية للإنسان هي الحرية، وذلك ما يجعل من وجود الغير مشكلة واقعية تضع الذات أمام ذاتها وتكشف لها عن حقيقتها؛ حيث يصبح الغير وسيطا بين الإنسان ونفسه، فهو يحد من حريتي في التصرف كما يظهر من خلال مثال الخجل، الذي يتولد فقط بوجود الغير،أي أن هذا الأخير هو السبب في الأحكام التي أصدرها عن ذاتي، والتي تدفعني دائما إلى وضع الأنا الآخر في الحسبان، لكن الغير في المقابل سبب مباشر للوعي بالذات وبالحرية، التي ستفقد معناها في حالة غيابه وعدم وجوده. وجود الغير إذن سلبي من حيث أنه يحد من تصرفاتي، وايجابي من حيث كونه ضروريا  للوعي بحريتي وبوجودي الخاص. يقول سارتر في هذا السياق: ( وهكذا نجد أن الخجل هو خجل من الذات أمام الغير.فهاتان البنيتان غير منفصلتين، ولكن في الوقت نفسه أنا في حاجة إلى الغير لأدرك إدراكا كاملا كل بنيات وجودي...).
ادموند هوسرل: لقد أعطت الفلسفة الديكارتية الأولوية للعالم الداخلي؛ لذلك ظل الغير مضمرا فيها وغير مصرح به. أما الفلسفة الظاهراتية فقد اهتمت بظواهر الأشياء فغادرت الأنا إلى العالم الخارجي من خلال اعتبار الوعي قصديه، فأنا حين أعرف أعرف شيئا ما، ومن ثمة فالغير موجود كموضوع وكذات؛ حيث أنه يوجد في العالم ويدركه ليتقاسم الأنا والغير نفس التجارب، وبالتالي لن تكون تجربة الأفراد ذاتية بما أنها نزوع نحو الموضوع يحيل إلى ما هو خارج الذات، ليصبح الواقع مشتركا بين جميع الناس، ويصبح كل واحد ظاهرة للعالم باعتبار تجربته في جوهرها تعاليا في تجربة الغير ، وبالتالي تعاليا عن العالم الموضوعي. يقول هوسرل: ( إن من بين معاني الوجود في العالم،أن فعل الوجود الخاص بكل واحد منا، وهي خاصية تفهم بشكل مشترك كلما تحدثنا عن الواقع الموضوعي.)


جون بول سارتر:إن معرفة الغير لا تتجاوز الحدود الموضوعية،أي أن الأنا يدرك الغير كجسم من حيث خصائصه الخارجية؛ ذلك أن الانفصال بين الذوات ينم عن وجود عدم يبرز استحالة النفاذ إلى خصوصية الذات ومعرفتها كوعي وحرية وإرادة، وبالتالي لاتتجاوز معرفة الغير الحدود الامبريقية، ومن ثمة تكون معرفة تشييئية لا تطال الكينونة، إنها تحويل الغير إلى صورة ذهنية تفرزها التجربة الذاتية للأنا من خلال الانطباعات الحسية. يقول سارتر في هذا السياق: (وبما أنه لايمكن للغير أن يؤثر في كينونتي...فان الكيفية الوحيدة التي يمكن أن ينكشف لي بها هي أن يتجلى لمعرفتي كموضوع.).
مالبرانش: تعتبر معرفة الغير افتراضية، نظرا لاختلاف الأفكار والذوات ومن ثمة لا سبيل لمعرفتها بشكل يقيني لكننا نقتصر على الافتراض بأنها تشبهنا على مستوى الشعور الداخلي والقيم المعرفية والأخلاقية، إلا أن خصوصية الجسد تدحض هذه المماثلة الافتراضية؛ لأن لكل واحد إحساسه الخاص بمؤثرات العالم الخارجي المختلفة، وبالتالي فان هذه المعرفة الافتراضية غالبا ما تكون خاطئة. يقول مالبرانش في هذا السياق: (فالمعرفة التي نكونها عن الآخرين كثيرا ما تكون معرضة للخطأ إن نحن اكتفينا بالحكم عليهم اعتمادا على الإحساسات التي كونها عن أنفسنا.)
ميرلوبونتي: يبني هذا الفيلسوف تصورا ظاهراتيا عن الغير، حيث ينفي النزعة الوحدوية للأنا التي تتشبث بالمعرفة اللايقينية للغير؛ لأنها معرفة تتم بالقياس على الذات. وفي المقابل يرى ميرلوبونتي أن الوجود الذاتي يكاد يكون لاغيا إذا لم يقصد الغير،ومعرفة الغير ممكنة في حدود اللغة من خلال التواصل، الذي يسمح بالنفاذ إلى أعماقه، ولا تكون معرفته مستحيلة إلا إذا احتمى بأعماق طبيعته الفكرية وتبادل مع الأنا نظرة لا إنسانية ، ومهما يكن فان هذه الوضعية تكشف عن تواصل ممكن، من حيث أن رفض التواصل في حد ذاته نمط من أنماط التواصل؛ لأن الحدود الذاتية توقف هذا الأخير ولكنها لاتعدمه. إن السبيل الوحيد لمعرفة الغير هو البينذاتية التي تبرز الجوانب المشتركة والمتشابهة بين الأنا والغير، والتي يسمح بإمكانية بناء وضعية للتواصل يكف من خلالها الغير عن التعالي والانغلاق على ذاته بشكل مطلق. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الفيلسوف اعترف بخصوصية الذات وصعوبة الوعي بها كما هي في ذاتها،ومع ذلك لا يمكن إنكار أن كلا من الأنا والغير يعيشان في نفس العالم. يقول في هذا السياق: ( إذا كان علي أن أتعامل مع إنسان مجهول لم ينطق بعد بكلمة، فبإمكاني أن أعتقد أنه يعيش في عالم آخر.. لكن ما أن ينطق بكلمة.. حتى يكف عن التعالي على ذاتي.)
هايدغر: يميز هذا الفيلسوف بين الوجود-هنا Dasein وهو الوجود الإنساني الذي يتجاوز وجود الأشياء، والوجود-معMetsein أي الوجود مع الغير، وهو الحياة الاجتماعية التي تحدد وجود الذات ، ومن ثمة تكون العلاقة مع الغير اشتراك بين الذوات، على اعتبار أنها تتقاسم نفس الوضعية داخل العالم من خلال التجربة الحية، ومن خلال العلاقة مع الكائنات الإنسانية الأخرى، وكل وجود إنساني هو في حقيقته وجود في العالم مع ذوات أخرى، علاقة الذات بالغير إذن علاقة التقاء، رغم الاستلاب الذي تحمله في طياتها بما أن هذا الوجود مع يؤدي إلى انصهار الخصوصيات الفردية والذاتية. يقول هايدغر في هذا السياق: (فهذا الوجود-المشترك يذيب كليا الوجود-هنا، الذي هو الوجود الخاص، في نمط وجود الغير، بحيث يجعل الآخرين يختفون أكثر فأكثر ويفقدون ما يميزهم وما ينفردون به.إن وضعية اللامبالاة واللاتمييز التي للوجود-مع-الغير، تسمح للضمير المبني للمجهولOn  أن يطور خاصيته الديكتاتورية التي تميزه.)
جوليا كريستيفا: ليس الغريب هو ذلك القادم من خارج الجماعة الذي يهدد وحدتها وانسجامها؛ ذلك أن وحدة الجماعة ليست في الحقيقة سوى مظهر عام عندما ندقق فيها ينكشف أنها تحمل في ذاتها بحكم اختلافاتها وتناقضاتها الداخلية غريبها قبل أن يدخل إليها الغريب الأجنبي. وهذا ما تعبر عنه كريستيفا بقولها: ( الغريب يسكننا على نحو غريب). وإذا كان الأمر كذلك فان الموقف الطبيعي الذي ينبغي أن يتخذ من الغريب البعيد ( الأجنبي، المهاجر، الجنس الآخر، المجتمع الآخر، الثقافة الأخرى...) ليس هو موقف النبذ والإقصاء والعداء والسجال، بل هو موقف التسامح والحوار والاحترام.
ميرلوبونتي:يرى هذا الفيلسوف أن العلاقة التشييئية للغير هي نتيجة النظر ليه من موقع الأنا أفكر أو العقل ونشاطهما القائم على التجريد والتقسيم والحساب والكم والاستدلال. وهذه الوضعية يمكن تجاوزها عندما يدخل الأنا والغير في علاقة الاعتراف المتبادل بكل منهما في فرديته ووعيه وحريته. ويعترض ميرلوبونتي على مثال النظرة الذي يستند إليه سارتر؛ لأن نظرة الغير لا تحولني إلى موضوع ، كما لا تحوله نظرتي إلى موضوع إلا إذا انسحب كل واحد وقبع داخل طبيعته المفكرة، وجعلنا نظرة بعضنا للبعض لاانسانية، وإلا إذا شعر كل منا بأن أفعاله بدلا من أن تفهم وتقبل تخضع للملاحظة مثل أفعال حشرة. إن النظرة لاتولد الشعور بالضيق إلا إذا حلت محل تواصل ممكن فحتى عدم التواصل يدل على دلالات معينة، كالعداء والإقصاء والتمركز حول الذات،. يقول ميرلوبونتي في هذا السياق: ( الامتناع عن التواصل هو نوع من التواصل.)

0 commentaires:



Enregistrer un commentaire










ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق